- Published on
طموحات جوجل في الذكاء الاصطناعي في مواجهة OpenAI: تحديات وأمل في Gemini
شعور جوجل بالأزمة وأملها في Gemini
على الرغم من الأداء المذهل الذي حققته جوجل في عام 2024، سواء من حيث الإيرادات أو أسعار الأسهم، مما جعلها محط أنظار وول ستريت، إلا أن الرئيس التنفيذي سوندار بيتشاي نقل إلى الموظفين شعورًا قويًا بالأزمة في نهاية العام. وخلال اجتماع استراتيجي لعام 2025، أكد بيتشاي على إلحاح الوضع. يتناقض هذا بشكل صارخ مع الارتفاع التاريخي الذي شهدته أسهم جوجل في وقت سابق من هذا العام، حيث تجاوزت القيمة السوقية للشركة تريليوني دولار، بالإضافة إلى النمو السريع لأعمالها السحابية.
إن شعور بيتشاي بالأزمة نابع بشكل أساسي من المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي. فمنذ ظهور ChatGPT، أطلقت مايكروسوفت وميتا وشركات ناشئة أخرى منتجات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها. هذه الأدوات الشعبية بدأت تقوض تدريجيًا هيمنة جوجل في مجال البحث. وتشير التوقعات إلى أن حصة جوجل في سوق الإعلانات البحثية ستنخفض إلى أقل من 50% في عام 2025، وهو ما سيكون الأول من نوعه منذ أكثر من عقد. وتعتبر أعمال البحث هي حجر الزاوية في جوجل، ولا شك أن اهتزازها قد أثر على معنويات الموظفين، حيث اشتكى العديد منهم على الشبكة الداخلية للشركة من افتقار الشركة إلى قادة يتمتعون برؤية مستقبلية.
في مواجهة هذه التحديات، ذكر بيتشاي في الاجتماع الاستراتيجي أن عام 2025 سيكون عامًا حاسمًا، وستولي جوجل اهتمامًا أكبر لتطوير أعمال الذكاء الاصطناعي. وأكد أن هدف جوجل هو بناء تطبيقات جديدة واسعة النطاق للمستخدمين، وأن هذا الأمل معلق على Gemini. ويعتقد المسؤولون التنفيذيون أن Gemini لديه القدرة على أن يصبح التطبيق التالي لجوجل الذي يضم أكثر من 500 مليون مستخدم. وفي الوقت الحالي، يدعم نموذج Gemini الكبير جميع منتجات جوجل للذكاء الاصطناعي، بما في ذلك النموذج الخفيف Gemini Flash.
ورداً على تساؤلات الموظفين حول تحول ChatGPT إلى مرادف للذكاء الاصطناعي، أحال بيتشاي الأمر إلى ديميس هاسابيس، المؤسس المشارك لـ DeepMind. وأشار هاسابيس إلى أن الفريق سيسرع من تطوير تطبيقات Gemini، ووصف رؤية لمساعد عالمي يعمل بسلاسة في أي مجال أو وضع أو جهاز.
تسريح الموظفين لتوفير التمويل لأعمال الذكاء الاصطناعي
لم تشهد أعمال جوجل في مجال الذكاء الاصطناعي تقدمًا سلسًا في النصف الأول من هذا العام. ففي شهر فبراير، غيرت جوجل اسم منتجها للنماذج الكبيرة من Bard إلى Gemini، وأطلقت Imagen 2، لكنها تعرضت للتدقيق بسبب أخطاء تاريخية، واستغرق إعادة إطلاقها ستة أشهر. وفي مارس، اعترف سيرجي برين، المؤسس المشارك لجوجل، بأن الشركة "أخطأت" في مجال توليد الصور. وفي مايو، أثار إطلاق AI Overview ردود فعل مماثلة، حيث قدم المنتج إجابات سخيفة عندما سأل المستخدمون "كم عدد الأحجار التي يجب أن أتناولها يوميًا".
هذه الإخفاقات جعلت جوجل أضحوكة في مجال الذكاء الاصطناعي. ومنذ ذلك الحين، بدأت جوجل في إجراء تعديلات تنظيمية، وكان تسريح الموظفين خطوة أساسية. وبحلول نهاية الربع الثالث من هذا العام، انخفض إجمالي عدد موظفي Alphabet بنحو 5% مقارنة بنهاية عام 2022. وذكر مسؤول الموارد البشرية أن عمليات التسريح تهدف إلى توفير التمويل لتطوير أعمال الذكاء الاصطناعي. وبعد عمليات التسريح، تحول التمويل بالفعل، وتدفقت موارد الشركة الضخمة إلى أقسام الذكاء الاصطناعي و DeepMind.
تمتلك DeepMind وفريق الذكاء الاصطناعي ميزانيات أكبر للسفر والتوظيف، كما تم نقل بعض الموظفين من مكاتبهم القديمة المطلة على الواجهة البحرية في سان فرانسيسكو واستبدالهم بفرق متعلقة بالذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، نقلت جوجل فريق تطوير تطبيق Gemini AI إلى قسم DeepMind، بقيادة مدير الذكاء الاصطناعي ديميس هاسابيس. وأعرب الموظفون عن تقديرهم للتغييرات التي أجراها بيتشاي في القيادة.
ومع ذلك، أثار هذا التوزيع غير المتكافئ استياء أقسام أخرى. وذكر مسؤول الموارد البشرية أنه في العام الجديد، قد تكون عمليات التسريح أكثر قسوة من أجل تطوير الذكاء الاصطناعي.
الأزمة التنظيمية والمحاصرة من جميع الجهات
بالإضافة إلى الذكاء الاصطناعي، تمثل القضايا التنظيمية تحديًا كبيرًا آخر يواجهه الرئيس التنفيذي لشركة جوجل، سوندار بيتشاي. ومع توسع نفوذ جوجل، فإنها تواجه تدقيقًا تنظيميًا أكثر صرامة من أي وقت مضى.
- في أغسطس، قضى قاض فيدرالي بأن جوجل تحتكر سوق البحث بشكل غير قانوني.
- في أكتوبر، أصدر قاض أمريكي أمرًا قضائيًا دائمًا، يجبر جوجل على توفير بدائل لمتجر تطبيقات Google Play على هواتف Android.
- في نوفمبر، طالبت وزارة العدل جوجل بالتخلي عن قسم متصفح الإنترنت Chrome، واتهمت الشركة باحتكار تكنولوجيا الإعلانات عبر الإنترنت بشكل غير قانوني.
بالإضافة إلى ذلك، أثارت هيئة تنظيم المنافسة البريطانية أيضًا اعتراضات على ممارسات جوجل في مجال تكنولوجيا الإعلانات.
وأشار بيتشاي في الاجتماع الاستراتيجي إلى أن جوجل تخضع للتدقيق من جميع أنحاء العالم، وهو ما يرجع إلى حجمها ونجاحها. ويرى أن هذا جزء مما يجب أن يحدث في ظل اتجاه التأثير واسع النطاق للتكنولوجيا على المجتمع.
بالنسبة لجوجل، سيكون عام 2025 عامًا لإطلاق الطموح وسط أزمة. في هذه المنافسة بين عمالقة التكنولوجيا، يبقى السؤال: هل ستتمكن جوجل من استعادة ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال Gemini، مع الحفاظ على النمو في ظل الضغط التنظيمي؟ هذا هو محور تركيز مجتمع التكنولوجيا العالمي والمستثمرين. وكيف ستخرج جوجل من هذه الأزمة، هو أمر يثير الترقب أيضًا.